السبت، 2 يوليو 2011

كفافيس الشاعر اليونانى الذى عشق الاسكندرية


قسطنطين كفافيس بأواخر أيامه
الإسكندرية تلك الساحرة يعشقها كل بطريقته حتى ولو اضطر أحيانا للانتقال بعيدا عنها مؤقتا لكنه يفضل دائما العودة لها حتى ولو جثة تريد ترابها مثواها الأخيرConstantine cavafy"كوستس بتروس فوتياديس كفافيس " عاشق يونانى واستمد عظمة كتاباته المعاصرة من عظمة عشقه لعروس البحر التى عاش ومات بها .                                          نشأته
هو أعظم شاعر يوناني معاصر عرفته مصر نزح والداه من اسطنبول الى الإسكندرية واستقر بها حتى دفن بمقابر اليونان بالشاطبى ولد فى التاسع والعشرين من ابريل عام 1863وكان ترتيبه التاسع والأخير بين اشقائه
أجاد والده العمل بتجارة الحاصلات الزراعية فأنشا مكتب بزيزينيا بالاسكندرية واخر بالموسكى بالقاهرة ويتردد انه أول من ادخل صناعة حلج القطن الى مصروانشا مصنعين بكفر الزيات ..ساعده على ذلك علاقته المباشرة بالخديوى سعيد والخديوى اسماعيل .
حظى كفافى بحب واهتمام و راعية مفرطة من امه التى دللته بعد وفاة والده وهو فى السابعة من عمره ووفاة أخته التى تسبقه مباشرة "هيللينى "
دفعت امه الى اتخاذ القرار بعدم ارتياده للمدارس وتلقيه التعليم فى المنزل ..فخصصت له مربية ومدرس مقيمين معه بالمنزل بشارع شريف
فشب خجولا ..منطويا ..لا يعتمد الا على الآخرين ..مرتبط عاطفيا بامه كثيرا ...وعندما بلغ 16 عام التحق ذلك الخجول بالمدرسة التجاريةولم ينتظم تعليمه ولم يحصل على شهادة جامعية ..فعوض عن ذلك باجادته للغة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية الى جانب اليونانية ..فعكف على دراسة التاريخ اليونانى والأدب الأروبى والكلاسيكيات بوجه عام .


حصل على الجنسية البريطانية وهو فى السادسة عشر ودائما ما يفخر بانه يونانى من بيزنطة .ولم يشر من قريب او من بعيد الى كونه من اصله أرمينى ام لا, ويرجع اصل اسم كفافى الى التركية والذى يعنى"الإسكافى ".
وكباقى الأجانب المقيمين بمصر غادرها مع الاحتلال البريطانى لها عام 1882 الى استنبول وأقام هناك ثلاث سنوات ثم عاد لحبه الأول اسكندرية
وحصل على وظيفةوزارة الرى استمر بها 30 عاما الى جانب عمله كسمسار للقطن .
                             موهبته وابداعاته
إن كفافيس بالغ القوة بالغ العظمة وواحد من البارزين فى الحركة الفكرية الثقافية ولقبه فورستر عام 1919 بروح الإسكندرية النابضة
كما ذكره لورانس داريل فى رباعيته عن الاسكندرية وسماه شيخ الإسكندرية
نظم الشعر بعد عودته من الاستانة عام 1885 ونشرت له أول قصيدة فى مجلة باسم "المساء"عام 1891 ألف حوالى 154 قصيدة لا يبغى من ورائها الشهرة او المال ..ونشر فى العديد من الدوريات والمجلات بالاسكندرية وغيرها كإستنبول وأثينا .
أصدرت مجلة الفن السكندرى الطبعة الاولى لاعماله الكاملة عام 1926 وحصل فى نفس العام على وسام النخلة الذهبية من حكومة البنغال .
شخصية غامضة مرموقة يعرفها الشعراء والمهتمين بالشعرووالمشتغلين به حتى أصبحت قصائده وحياته نبع الهام لا ينضب للشعراء والباحثين والنقادوالقراء على السواء .


كتبت عنه العديد من الكتب والمؤلفات العالمية بلغات مختلفة بلغت السبعين لغة .
                                مرض وعزلةللنهاية
فى ابريل عام 1922 استقال من عمله ومال الى عزلة تامة فى منزله بإثتثناء عام 1932 الذى اصيب فيه بسرطان الحنجرة فسافر لليونان للعلاج ثم أصر على العودة للاسكندرية وفقد القدرة على الكلام تماما حتى ساءت حالته فدخل مستشفى الجالية اليونانية "كوتيسكا"وظل بها شهرين ...ويبدوا ان لشهر ابريل علاقة وثيقة بمحطات التحول فى حياته
ففيه ولد وفيه استقال والتزم العزلة وفى نفس تاريخ ميلاده وافته المنية فى التاسع والعشرين من ابريل عام1933 عن عمر 77عاما ودفن بمقابر العائلة اليونانية فى الشاطبى .
لم يبقى من هذه العائلة اليونانية العريقة سوى المنزل بأهمينه وقيمته الأثريةالذى أقام فيه شاعرنا المرموق وتحول بعد وفاته الى بنسيون وظل هكذا حتى عهد المستشار الثقافى اليونانى "كوستس موسكوف"
الذى انشأجمعية محبى كفافيس و حول المنزل لمتحف تابع للسفارة اليونانية يضم تمثال رخامى لهوديوانه وبعض النصوص و المخطوطات بخط يده والعديد من المقتنيات القيمة ومجموعة صور شخصية متنوعة له باختلاف مراحل حياته وبعض شرائط الفديو للأفلام التى انتجت عنه ,كما أهدت الكنيسة بعض المقتنيات للمتحف

                                     مبدع وجائزة
شاعر العصر الحديث الغامض بتصرفاته وانتماءاته الفكرية التى استمد موضوعاتها من من التاريخ بعصوره المختلفة ..وخاصة العصرالكلاسيكى لحضارة اليونان والعصور البيزنطية ..كما استمد الكثير الآخر من الحياة المعاصرةووقائع حياته الشخصية .ونشاتها المنطويةالتى جعلت منه شاعر مرهف الحس يكره التواصل مع العقول الفارغة وكثرة الثرثرة الغير مجديةلذلك بدى لمن حوله غريب التصرفات مثير للدهشة.
وجدت وسط مقتنياته بعض المخطوطات التى عند قراءتهاتعكس عمق نظرة أدبية مبدعة .
"ما أكثر ما يهبط على خاطر جميل أو صورة نادرةأو أبيات شعرية جاهزة ومفاجئة ولكننى أضطرإلى ترك هذا كله لأن عملى فى وظيفتى لا يحتمل التأجيل ,ثم أعود للبيت وأستريح قليلا وأحاول أن أتذكرها هذه الخواطر
الجميلة فاذا بها قد ضاعت وتبددت ومن حقها أن تفعل ,فالفن ليس خادما لك عندما يأتيك وتكون مشغولا عنه ثم يعود ويستجيب لدعوتك عندماتطلبه ".
وجد أيضا ضمن مذكراته ما كتبه عن بيته "ليس أفضل من هذا الذى أعيش فيه أمامى الكنيسة حيث تغتفر الخطايا وأبعد قليلا المستشفى حيث نقضى ,وانا هنا فى الأعالى بطلا وضحية".
هذاونمنح جائزة كفافيس الدولية فى الشعرللمبدعين من مصر واليونان وبدأت عام 1990فى مجالات الشعر والرواية والترجمة والنبوغ ...
بهدف تنمية العلاقات المصرية اليونانية ..حاز من مصر عام 2007 على هذه الجائزة الشاعر فاروق جويدة وفى مجال الرواية رضوى عاشور وفى النبوغ سحر الموجى .
ونظمت فى عام 1983 للمرة الاولى فى الاسكندرية والقاهرة احتفاليات ثقافية متميزة فى الذكرى ال50 على وفاته تحت اسم كفافيات ومنذ ذلك الوقت يهتم المثقفين والادباء ولا سيماالسكندريين باحياء تلك الذكرى.
                                 كتابات عربية وغربية
تناول كتاباته بالسرد العديد من الكتاب العرب والغربيين عامة واليونانين بشكل خاص .
يقدم وسام الدويك فى كتابه "كفافى الشاعر والمدينة"توثيق من خمس محاور أساسية تتناول مخطوطات تروى أجزاء من حياته ..
المحور الأول "الأسرار القديمة "يتعرض لطفولته وأسرته وعمله وانتقالاته .
المحور الثانى "أجمل نساء العالم"ويقصد بها القصيدة باعتبارها أهم ما فى حياة كفافى .
وترجم له فى هذا الفصل شعراء وأدباء عرب أمثال "أحمد عبد المعطى حجازى ,حمدى ابراهيم ,رفعت سلام ,أحمد مرسى ,إبراهيم منصور ,نعيم عطية .
المحور الثالث "المدينة المجاورة لمصر"وهو الاسم الذى يطلقه الرومان على الاسكندريةحيث يرسم صورة لتلك الفاتنة التى ألهمت الكثيرين من الشعراء والأدباء .
المحور الرابع "معبد الروح "ويصف منزله الذى عاش ومات فيه وما يحتويه حاليا من قطع أثرية وأثاث راق .
المحور الخامس والأخير "ثريا رائعة تسطع بالنور "وهو مقطع من قصيدته الثريا حيث يسرد مذكاته والاطروحات التى كتبت عنه والجائزة الدولية التى تحمل اسمه وأسماء من حصدوها عرب وغربيين ,وفى النهاية عرض لصور الشاعر و متعلقاته منذ الطفولة وحتى وفاته.
ولا يجوز أن نذكر ما كتب عنه ونتجاهل بالذكر أطروحة الدكتوراه التى قدمها "غريغورى غوزدانيس" تحت عنوان "شعرية كفافى"والذى قدمه للمجلس الاعلى للثقافة بترجمة رقيقة عالية المستوى الشاعر" رفعت سلام",ويتناول تجربة كفافى من بعدا واحدا وهو"الشعرية"عبر ست زوايا
أو ست مفاهيم خاصة به .


1_مفهومه عن "الشاعر "وما يميزه عن الانسان العادى من حيث الهامه وخصوبةخياله ومفرداته .


2_مفهومه عن "المتلقى "أو المستقبل للشعر وهل هو عنصر من عناصر العملية الابداعية أم خارجها هل دور يقتصر على كونه مستهلك سالب التفاعل ام انه عنصر أساسى مشارك فاعل فى النص .


3_ مفهومه عن اللغةوتأثيرهافى النص وفى الخطاب الأدبى .


4_مفهومه ببساطة حول الشكل فى مقابل المضمون .


5_التراث فى شعريته هل هو معين ينهل منه فيلهمه دائما وأبدا ام عبىء يهدد الشاعر ويقلق تفرده ونقاء صوته ام يسجنه داخل شكل متفرد .
_مدى مشروعية محاكاة الشاعر للعالم الخارجى كمصدر للالهام أو التقليد. 
                             قلب الشاعر
ذلك الشاعر الذى عاش ومات وحيدا يشعل الشموع لزواره ويطفئها اذا اراد الخلوة أشعل دائما الشموع لمحبوبته التى قاسمت الاسكندرية ما فى قلبه من حياة والهام وهيام انها مدام "كرستينا قسطنطين "..صاحبة مقهى ايليت الشهير ..ظلت تشعل الشموع بعد رحيله وتحافظ على طقوسه لبعض مرتادى المقهى من المشاهير فتقدم لهم طبقه المغضل ومشروبه المفضل ..على انغام الموسيقى وأضواء الشموع ..نثرت صوره وقصائد بخط يده على جدران المقهى وعاشت حياتها بين ذكرياتها معه..وفاءا لعهدها معه بألا تترك الاسكندرية ..
"يا فاتنة الأوليمب لا تتركى الإسكندرية "بهذه العبارة التى ظلت ترددها اليونانية الحسناء الت أثرتى قلبه طلب منها الاتتركه وتترك ما اشتركا فى الغرام به...المدينة الساحرة .
ظلت سيرته حاضرة فى مخيلتها وسلسبيلا على شفاهها وهى تروى لمرتادى المقهى عنه وتؤكد فى كل حرف ..على مشاعر ظلت تنبض حتى وفاتها , مازال
المقهى يحتفظ بروحه وتهيم بداخله ارواح من احبوه ويستشعرها كل من زار المكان وهو يستحضر فى ذهنه قصص أصحابه .


                      نشر بجريدة القاهرة بتاريخ23 نوفمبر 2010

الأربعاء، 11 مايو 2011

الإسكندرية شباك مفتوح على الجنة


لورانس داريل
قلت ساذهب الى أرض ثانية وبحر آخر ..الى مدينة أخرى تكون افضل من تلك المدينة ..كل محاولاتى مقضىٌ عليها بالفشل ..وقلبى دفن كالميت .........لن تجد أرضا جديدة ولا بحراً جديد...... ستلاحقك هذه المدينة دوما ...ستسكن نفس الشوارع ويشيب شعر رأسك فى نفس المنازل....سوف تنتهى هنا دائماً..إنسِ اى مكانٍ آخر ..فانت لا تملك سفينة ولا طريق ....
بهذه الأبيات يقدم لنا قسطنطين كفافيس طرحاً للرؤية المتأججة فى نفسه نحو الإسكندرية التى ستظل تتعقبه تطارده دوماً, فهى تسكنه وتحاصره دائماً...
وسنراه يؤكد أن مصير الناس فى الإسكندرية مشابه لمصير أهل طروادة المحاصرة ,هم يعيشون سطوتها حتى الثمالة ,و مجبولون على البقاء فيها ,من يحاول الإبتعاد عنها نراه يعود اليها مرة أخرى مسرعا فى لهفة وشوق ,هى دائماً الملجا والغواية والفتنة حتى ولو انتابتها اعراض الخراب والموت...
تستقر الإسكندرية فى أعماق الشاعر وقصائده رمزاً للحياة والمصير الانسانى المطلق ,وشيئاً جوهرياً فى مسيرته ,فهى تعيش معه دوما وتتواصل مع أنفا سه و وتلاحقه اينما كان فى الوجود ........
                                          الكوزموبوليتية
                                                                           
حينما نتحدث كأفراد عن الإسكندرية فى حياتنا وخاصة ان كنا من غير سكانها سنجد للحديث مذاقا خاصاً مخلوطاً ببعض المغامرات و وحينها لابد وأن نتذكر الرباعية الشهيرة "رباعية الإسكندرية " للورانس داريل ..التى احتفت بظهورها كتحفة أدبية رائعة جميع الأوساط الثقافية العالمية ,والتى سرعان ما خلعت على صاحبها البريطانى لورانس داريل ثوب الشهرة والصدارة ...كاتب الاسكندرية الذى خلد روح المدينة "الكوزموبوليتية " عاصمة الذاكرة ومدينة الرومان والإغريق التى بُنيت " كالسد لمنع طوفان الظلمة الإفريقية " كما تصفها الرباعية .
حيث جاء طرحه معبرا عن شعور أدباء ومثقفى الإسكندرية الشاعرين بالغربة تجاه هذا الانقسام الذى بات جلياً امامهم بين " المدينة الأوروبية " مدينة الكورنيش والمقاهى فى شا رع فؤاد وبين " الأحياء العربية "والتى تناولها بشكل فلكلورى فانتازى غرائبى على غرار الإحتفالات الشعبية بالموالد او ببيوت الدعارة أحياء تصدح بالإصوات المزعجة والروائح الكريهة .
ثم أتى الكتاب الذين عاشوا فترة ازدهار الجاليات الأجنبية مثل " ادورد الخراط "وعبروا فى كتاباتهم عن نوع من الحنين لفترة التعايش بين جميع الجنسيات والأديان التى عرفتها الإسكندرية لذا وصفوا الرباعية بأنها بعيدة تماما عن مدينتهم كتب الخراط يقول أن داريل لم يعرف الإسكندرية فهى عنده وهم غرائبى ............
.....تقع أغلب أحداث الرواية كما ورد بالجزء الأول منها "جوستين 1957" فى بهو فندق " سيسيل " القديم المطل على البحر ...حيث يلتقى الكاتب الإنجليزى الشاب " دارلى " باليهودية المصرية "جوستين " المتزوجة من " نسيم " الذى ينحدر من سلالة إحدى العائلات الأرستقراطية المسيحية السكندرية ,تنشأ بينهما علاقة غرامية وتتصاعد الأحداث فى هذا الإطار وتزيد تعقيداً حينما يرتبط " دارلى " بعلاقة مشابهة براقصة يونانية شابة هى " ميلسيا "..وتستمر الأحداث فى حالة من البحث الدائم لهذه الشخصيات عن ذواتهم وحقائقهم من خلال خبراتهم الحسية ..ساعين لاكتشاف معانى الحب والجنس والحياة والواقع ......
ويزيد التعقيد فى الأجزاء الثلاثة التالية "بلتازار 1958 " _ "ماونت أوليف 1958 " _"كيليا 1960 " وتستمر الأحداث فى اطار مغلق مختنق يتخلله طرح للعديد من المؤمرات السياسية التى ُتدبر بمعرفة رجال الدبلوماسية البريطانية العاشقون لمصر ونسائها ..ورجال السلطة المصرية التى يصورهم داريل كمثالا للمستبد الأسيوى الفاسد .تدور تلك الأحداث فى الإسكندرية مدينة الجنس والموت كما يصفها داريل فى رسائله للروائى الأميركى هنرى ميللر ....

ويشير الناقد الكبير "شوقى بدر يوسف " إلى أن الحياة فى الإسكندرية تمور بايقاعها الخاص ويستمد ملامحه من رحلة زمانية طويلة قوامها أكثر من ألفى عام امتزج فيها الواقع بالخيال والفن بالأدب وفلسفة الفكر بالرؤية الإبداعية للفنان , والاديب الذى كتب عن الإسكندرية ابداعاً حقيقياً عبر فيه عما يعتمل داخلها من رؤى خاصة وما يميزها عن غيرها من سمات لها خصوصيتها حتى اكتسبت الإسكندرية شهرتها سواء فى جماليات طبيعتها أو عالمها السرى المخيف المختبئ وراء قناع المكان .

والرواية هى الأخرى رحلة تمور فى الحياة تجسد ملامحها وتضئ ما ورائها من خطوط اجتماعية وسياسة عريضة ,حيث تبلور الواقع وتبرز الظلال والمكان باهتمام الرواية العالمية والعربية حتى أصبحت من العلامات الخاصة فى المجال الإبداعى ..
تحدث عنها الروائى الإنجليزى أ.م . فورستر فسماها " المدينة المكونة من الكلمات " , وعن نفس المرحلة كتب الروائى اليونانى " ميشيل بيرينيس "روايته "أوديسا العصر الحديث "أو "غالانوس " التى تروى عن أسرة يونانية امتزج واقعها بواقع المدينة حتى أصبحا جزءاً واحداً , ورمزا لعلاقة الإسكندرية بالأجانب الذين إستوطنوا أحياءها المختلفة وعاشوا فيها , وإرتبطوا بأماكنها الحقيقية ,حتى صاروا جزءاًمن تركيبتها الإجتماعية المعروفة


                                     إسكندرية نجيب


وقد تواجدت الاسكندرية فى الرواية المصرية بإلحاح شديد من خلال زخم الحياة والعلاقات الانسانية المتشعبة.
والمتطورة التى تمور داخلها. ولعل خير مثال لذلك روايتى الكاتب الكبير نجيب محفوظ "ميرامار" و "السمان والخريف" بمحتواهما السياسى والاجتماعى والتى تبدو فيهما الاسكندرية بظلالها الخاصة
وكأنها تتحكم فى مصائر من يعيشون فيها وتوجههم كيفما تشاء يعيشون فيها ففى "السمان والخريف" نجد أن انتقال عيسى الدباغ إلى الاسكندرية للبحث عن الأمان والاستقرار أثناء هروبه من القاهرة يكتشف الحقيقة التى طالما تاق إليها......وفى ميدان سعد زغلول يلتقى مع الشاب الثورى الذى سبق و أُعتقله أثناء عمله ، يتحاوران، ويذكره الشاب بمصيره الآن حيث يقف فى الظلام تحت تمثال سعد زغلول ويتركه ويسير إلى شارع صفية زغلول ، وفجأة ينتفض عيسى الدباغ كأنه استيقظ من نومه على مقولة الشاب ويسير وراءه حيث الحياة الجديدة....فهكذا يتعرف على شاطئ المدينة بالحقيقة التى طالما تاق اليها , و بحث عنها .
وهكذا نجد أن نجيب محفوظ فى روايتى "ميرامار" و "السمان والخريف" قد صور الاسكندرية تصويراً رائعاً من خلال شخصيتين متناقضتين "زهرة" الخادمة النقية التى تتعامل مع الجميع من منطق الحب والحرية، و"ريرى" العاهرة التى دفعت عيسى الدباغ إلى أن يعرف معنى الحياة بمحافظتها على كرامتها التى جرحها عيسى الدباغ حين كان فى أوج قوته. والاسكندرية فى هذا التواجد تكشف عن نفسها تجاه ممارسات الشخصيات التى تعيش فيها ، وهى كما قال عنها نجيب محفوظ فى مستهل رواية "ميرامار" "الاسكندرية أخيراً. الاسكندرية قطر الندى، نفثة السحابة البيضاء، مهبط الشعاع المغسول بماء السماء، وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع".

                                          (1)


من الروائيين الذين تناولوا الاسكندرية ؛ المكان والزمان والخلفية والشخصية التى تضطرم بشتى رؤاها ......
ابراهيم عبد المجيد الذى تعتبر كتاباته عنها ملمحاً خاصاً يميز عالمه الروائى، ففى رواية "الصياد واليمامة" نجد أن الاسكندرية تفتح ذراعيها المرحبتين للشخصية الوافدة من الجنوب وتحاول أن تعطيها الأمان والطمأنينة، وتحاول أن تتواءم معها اجتماعياً وسياسياً من خلال العشرة والحياة والهموم اليومية الحياتية. وفى رواية "بيت الياسمين" نجد أن شخصية "شجرة محمد على" –الشخصية المحورية فى الرواية-ما هى إلا شخصية أفرزتها الاسكندرية ووضعتها فى طريق الحياة السياسية... لتجد نفسها فى النهاية صورة ذاتية متناثرة مثيلاتها فى أماكن كثيرة فى مجتمعنا المصرى، إلا أنها هنا فى الاسكندرية كان لها صدى خاص على خريطة الواقع السياسى والاجتماعى، تعيشه بعقلها وقلبها ونبضها و كل ما لديها من محاور ذاتية سواء كانت نابعة من أنانيتها الخاصة، أو نابعة من انتمائها إلى زمانها ومكانها التى تعيشه والاسكندرية تظهر فى روايات ابراهيم عبد المجيد واضحة جلية من خلال مراحل التغيير التى طرأت على المجتمع فى مصر خاصة المرحلة التى أعقبت نكسة يونيه 1967 وكذا من خلال التلاحم بين الزمان والمكان وما يدور فى المدينة من ممارسات ، وما تتسم به شخصيتها من تميز خاص فى ملامح التغيير


                                          (2)


وعن التناغم البيئى بين البيئة الشعبية السكندرية فى ابى قير ووفرة الشبه مع البيئة الشعبية اليونانية المترتبطة بالتراث اليونانى متمثلة فى مسيو " نانا " الباحث عن مقبرة الاسكندر الأكبر فى رواية " سكر مر " كتب الأديب محمود عوض عبد العال ..كما كتب أيضاً مصوراًالبيئة الشعبية المخيفة لحى باكوس فى رواية " عين السمكة " من خلال عرضه لشخصية "فاطمة السودا " تلك القوادة التى تسكن سور كنيسة باكوس ,والإحباط الذى زامن نكسة 1967 وصاحب المثقفين
ويؤكد شوقى بدر يوسف الناقد فى تحليلاته الأدبية على أن هناك العديد من الروائيين السكندريين عبروا فى كتاباتهم الروائية تعبيرات واقعية عن بيئات مختلفة ومن هؤلاء " ادوار الخراط , سعيد سالم , سعيد بكر ,مصطفى نصرى ..واوهو الروائى الوحيد الذى اتخذ من اللإسكندرية مسرحا لكل أعمال الروائية معبرا فيها عن عالمها السرى المخيف وعن شخصياتها المنتشرة فى قاع المجتمع السكندرى .
كذلك جاءت رواية بدر الديب "أجازة تفرغ " تعبيرا واقعيا حى عل صخب الحياة الواقعية فى الإسكندرية بخيرها وشرها وطابعها الخاص وما يدور فيها من ممارسات يجسد ذلك من خلال حياة فنان تشكيلى فر من القاهرة أثناء إحدى حملات الإعتقالات بسبب آرائه و إنتماءاته السياسية ..فإختار منطقة الملاحات القريبة من الما كس مخباءاً ومكاناً لممارسة طقوسه الفنية ..فعربد فى الفن والحياة حتى لقى مصرعه ,فأظهر الإسكندرية لوحة فاقعة الالوان صاخبة الموسيقى سكب فيها من روحه وبث فيها من مشاعره وأحاسيسه الفياضة حتى أنها تجسدت له موديلا جميلا عبث به واستباح منه المغريات .
وهكذا فإنه بين الإسكندرية والفن والإبداع علاقة تبدوا كالسحر يتماهى فيها كل طرف فى الآخر لتتشكل لدى الرائى والقارئ لوحة متناغمة الألوان والظلال تشع عبيرا يقطر شهداً على صفحات الأدباء..و الرواه تعشقعها الألسن والآذان ..وتسحر بها العيون وتفتن بها القلوب حينما تراها مشاهداً سينمائية على شاشات العرض ,فى مهدها فاتنة منذ فتنت الاسكندر الأكبر ببرها وبحرها و أغرمت بها شتى الجاليات التى مازالت تسير بها بالشوارع ,ال حكايات ميرامار وجوستين ورسائل البحر لداوود عبد السيد ........
الاسكندرية بين بين عوالم من الفن الخاص ليست نصاً أدبياً كما أشاعوا بل ملهمة العباقرة

                                                نشر بجريدة القاهرة 10 /5 / 2011

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

ميدان القائد إبراهيم قبلة الغاضبين فى الاسكندرية



مسجد القائد ابراهيم
لم تكن ثورة ..بل كانت تباريح مخاض ..طالت قبلها الأوجاع والآلام على مدى أيام وشهور وسنوات ,لم تكن أيضاً محض صدفة بل طال انتظارها وتطلعت الحواس لتتلمس بداياتها بشغفٍ حقيقى , إنتظرها شعباً زادت عليه وطأة الظلم والفساد الذى نخرت عظامه فلم يترك أمام شباب تلك الامة من عزاءٍ على الارض فاتجهت أنظارهم نحو السماء ,وتبدل صبرهم وصلواتهم من بعد صمتٍ الى غضبٍ بركانى تفجر مدوياً سمعته كل الكآئنات على الأرض وفى السماء ,وابت إلا أن تكون ثورة بيضاء الأيادى والصفحات,مهما عصفت بها رياح التغير ..ومن قلب ميدان التحرير بالقاهرة سمعت شتى بقاع الأرض هذا النداء نداء الحرية الذى استجابت له كل الارواح التواقة للمساواة والهروب من تحت عباءة النظام الفاسد الى أصالة الواقع المصرى الحقيقية ’فاستنفرت معها كل عاشقٍ لذلك , وإن كان ميدان التحرير بالقاهرة هو مهد ولادة تلك الثورة والقابعين على ارصفته وطرقاته حتى الآن لايملكون الا عنفوان الكلمة وحناجر قوية تصدح بها هم رعاتها وحماتها ..فأن الاسكندرية هى الرحم الذى حمل نطفتها الاولى

                                                  البذرة


حادثة " خالد سعيد " بذرة الثورة الأولى ’ رغم وحشية تلك القبضة الدامية التى أودت بحياته ظلماً دون مبرر كانت نفس القبضة التى توهجت ناراً أمام الكثيرين من الشباب والناشطين الحقوقين بالاسكندرية وغيرها ..وكشفت عن ضيق مكنوناتهم وكاهلهم بما يستشرى فى جسد الامة من ظلم يغذيه الفساد وتسانده المصالح الشخصية حتى ولو حساب أرواح الأبرياء فانطلقت حملة "كلنا خالد سعيد " من على صفحات "الفيسبوك " ومواقع مدونات الشباب تردد ما يجول بخاطر شباب مصر جميعاً وتُظهر وعياً لم نعهده جميعا منهم ..واستمرت منذ السادس من يونيو 2010 تناهض قمع الغير مسؤلين من جهاز الشرطة والداخلية تجاه تلك القضية التى تابعها الرأى العام بإهتمام بالغ ..واستمرت الوقفات الاحتجاجية الصامتة التى طالما اشتاق اليها كورنيش الاسكندرية من جلسة محاكمة الى أخرى ..الامر الذى أكد على تلك القناعات هو الآخر لم يكن الا كارثة حلَت هى الأخرى على الاسكندرية مع اول ساعات الصباح الاولى لاول أيام العام الحالى , فى تمام الثانية عشر والثلث من صباح اليوم الاول من عام 2011، وأودت بحياة الكثيرين من الارواح البريئة التى لا ذنب لها سوى انها خرجت للاحتفال بعيد القيامة واستقبال عام جديد ..لم تكن تدرى ان اصابع وزير الداخلة السابق واعوانه من الجلادين قد اغتالوا تلك الفرحة البريئة التى علت وجوه الشهداء الذين تساقطوا بالعشرات مسلمين ومسيحين ولم تفصل أجسادهم حتى الآن أحياءاً او اموات ,من هنا انطلق اول نداء للإنتفاضة الشعبية بالخروج فى عيد الشرطة 25 يناير للإعلان عن المطالب الشعبية . ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد الاستخفاف بأرواح الأبرياء فعصف بحياة المواطن السكندرى أيضاً" سيد بلال " الذى اعتقله ضباط امن الدولة فى السادس من يناير 2011 ثم أعادوه لاسرته فى اليوم التالى مباشرةً جثة هامدة مما أثار حفيظة المترددين فى الخروج وتلبية النداء الثورى ..فخرجوا مطالبين بالقصاص من قسوة رجال الشرطة ومطالبين باسقاط الحكومة والنظام البائدين ...
                                                                 
                                                     القائد ابراهيم


شهد ميدان محطةالرمل بالإسكندرية وخاصة مسجد القائد ابراهيم وقائع الثورة منذ انطلاق شرارتها الاولى حيث شهد على الوقفات الاحتجاجية التى نظمتها دعوة كلنا "خالد سعيد " وفى الخامس والعشرين من يناير ,استمرت يوميا تلك الحشود الثائرة المنتفضة تسجل بطول الكورنيش وطرقات ميدان محطة الرمل وجدران المسجد مع كل صلاة احتجاجها وكلمتها التى لن تتراجع عنها سوى باسقاط النظام كاملا وقرار التنحى ,وكلما مرت جمعة من جمعات الثورة التى بدأت بجمعة الغضب وامتدت حتى جمعة التطهير،تتزايد الأعداد حتى تخطت المليون ,بذلك المشهد المهيب .

أقيم مسجد القائد ابراهيم فى الذكرى المئوية عام 1948 لوفاة القائد " ابراهيم باشا " ابن "محمدعلى" والى مصر , حسب تصميم لمهندس ايطالى الأصل شغل منصب كبير مهندسى الأوقاف حيث اشرف على أعمال القصور والمساجد فى عهد الملك فؤاد الأول وكان حينها قد جدد بالفعل مسجد "المرسى أبو العباس" .


وهومن أشهر المساجد ليس بالإسكندرية فقط بل بمصر بأكملها يشتهر فى منظره بالزخارف المختلفة لعصورٍ مختلفة وينفرد بمئذنته الطويلة الرشيقة والتى تتميز عن مثيلاتها بوجود ساعة بها ’ وفى سحره بجذب المصليين من شتى بقاع الاسكندرية بل والمحافظات المجاورة وخاصة فى ليالى شهر رمضان لصلوات التراويح و التهجد وخاصة فى العشرة الأواخر من الشهر الكريم ,حيث ترتقى الاعداد فى تلك الايام الى ان تتخطى مئات الآلاف ,ملحق بالمسجد دار مناسبات خاصة تابعة له , يطل على البحر مباشرةً وعلى حدائق جميلة هى حديقة الخالدين فضلاعن ذلك أشهر ميادين الاسكندرية وهو ميدان سعد زغلول او" محطة الرمل " وبالقرب منه على بعد خطوات بسيطة وبمنطقة الشاطبى تقع مكتبة الاسكندرية .


أما فى الأونة الأخيرة أصبح مسجد القائد ابراهيم قبلة الغاضبين المنظمين للوقفات الإحتجاجية منذ الوقفات الخاصة بقضية خالد سعيد , والوقفة الاحتجاجية الخاصة بقضية الشهيدة "مروى الشربينى " المصرية السكندرية التى اغتيلت بألمانيا فى فبراير عام 2009 داخل إحدى قاعات محاكم مدينة "دريسين " على يد المتطرف الروسى الجنسية "اليكس " .


وهكذا كما تنطلق من داخل المسجد وقاعة المناسبات التابعة له الآيا ت القرآنية مودعة للعديد من أجساد المفقودين والمظلومين من ابناء الاسكندرية ..تعالت صيحات الرغبة الوحشية فى التغيير وأبت الا أن تهدأ وتستقر الا باسقاط النظام والقضاء التام على الفساد والمفسدين ...بمليونية شهدها العالم أجمع وتطلعت نحوها العيون .


مليونية جمعة الرحيل

                                                نشر بجريدة القاهرة 5/4/2011






















































































الثلاثاء، 18 يناير 2011

حكاية شارع خليل حمادة ....قرآن الفجر والترانيم الكنسية تنسجان معاً خيوط الوحدة فى الشارع المنكوب

شارع تعانق فيه الهلال مع الصليب فى الواقع




لن أنسى ما حييت شارع خليل حمادة حين كنت صغيرة عبرته بالسيارة و كلما ذكرت أمامى كلمة كنيسة تذكرتها.... كنيسة القديسين وهى تتوسط الشارع من جهة اليسار وفى مقابلها تماما ولا يفصله عنها سوى امتار قليلة مسجد سيدى بشر.

وكما أننى لن أنسى ...لن ينسى التاريخ ذاك الشارع بمشهده المهيب حين تيقاطع شارعى العيسوى مع شارع خليل حمادة ذاك الاسم لم يكن مجرد اسم شارع بمنطقة الثغر فحسب ..بل انه الإسكندرية بل مصر جميعها ..حيث كان شاهدا على حالة من الانخراط والتجانس بين البشر باختلاف الدين ..
حين تسمع قرآن الفجر حيناً ...وتنصت للترانيم الكنائسية حيناً آخر ...حين تنادى فاطمة على محمد من شرفة منزلها بالأدوار العلى ..فيدركها مينا ملبيا لها طلبها الى حين عودة صديقه ..مداعباَ اياها " سجلى دى فى سجل الجمايل يا طنت "
                                     اسم ومسمى


استمد الشارع عراقته من اسم اشهر سكانه قديماً ,وهو جد المهندس " أحمد خليل حمادة " رئيس نادى سبورتنج السابق ,وكان "خليل حمادة وزيراً للأوقاف فى عام 1900 عندما كانت الوزارة مازالت تؤلف باسطنبول وتوفى فى عام 1910 ,أنجب ثلاثة أبناء " جواد خليل حمادة " وهو أول من أنشاء قسم العظام بكلية طب الاسكندرية ..بل وشارك والد الدكتور عصمت عبد المجيد فى انشاء مستشفى المواساة الحالية إحدى اقدم واعرق المستشفيات بالاسكندرية .
وأنجب "جواد" اثنين الأول هو الدكتور جواد حمادة أستاذ العظام بكلية طب الاسكندرية وهو الأصغر والذى وافته المنية ورحل منذ ثلاثة أعوام تقريباً ,والثانى هو المهندس أحمد حمادة رئيس نادى سبورتنج السابق .
أما الابن الثانى للجد خليل حمادة هو عبد الرحمن حمادة الذى أنشأ مصانع المحلة الكبرى ومصانع الحرير الصناعى وهو بالأصل كان مهندساً ببنك مصر حينما كان البنك يقوم ببناء المشروعات .
أما الإبن الثالث لخليل حمادة فهو محمد حمادة والذى شارك فى بناء العديد من المصانع بمختلف المجالات كمصانع النشا والخميرة ومانع السيارات وحوالى 6 مصانع اخرى مختلفة .وانجب حسين الذى انشا بدوره مصنع لانتاج فرش البويات ثم هاجر لكندا واقام بها مصنعاً ثم عاد الى مصر ليتوفى بها عام 1996 ..إذا فعائلة خليل حمادة عائلة عريقة أنشأت العديد من المصانع والمستشفيات خدمت الجميع مسلمين ومسيحيين وبنت معها جزءاً من تاريخ الاسكندرية مازال شاهدا على عراقة هذا الإسم ,أما من ناحية ما يميز الشارع من عقارات وبنايات فبدون المسجد والكنيسة لا يعرف أحد الشارع ولا يعلم الكثيرين ايها اسبق فى النشأة والتواجد فى هذا المكان البشر الذين أقاموا بها ام المسجد والكنيسة .فأغلب عقارات المكان حديثة النشأة .
وتؤكد أغلب الرويات أن أساس الكنيسة وضع عام 1971 على مساحة 900 متر ,وفى فجر عيد الرسل من نفس العام أقيم فيها أول قداس إلهى بعد تسميتها "كنيسة القديسين .مارى مرقص الرسول والبابا بطرس خاتم الشهداء" وهما القديسان اللذان تتصدر صورتهما واجهة الكنيسة أعلى صليب كبير .
أما المسجد "مسجد سيدى بشر أو شرق المدينة " كما يسميه البعض يقع فى المواجهة تماما ويرجع تأسيسه الى ما قبل 20 عاماً ويمتد على مساحة 500 متر وهو تابع لوزارة الأوقاف ومن أشهر مساجد المدينة


                                        الأحداث
لم يتخيل بيتر وماركو رواد كلية التجارة جامعة الاسكندرية أن الليلة وعند منتصف الليل وحينما يو دعون عاماً انقضى ويستقبلون آخر أنهم سيودعون معه أصدقاؤهم الثلاثة أقارب الجارة وصديقة الأم الحميمة التى أستدعت بكل شوق أبناء أختها من استراليا لتمضية الأجازة واحتفالات العيد معها بكنيسة القديسين .. وبالقطع لم تكن تعلم انها دعتهم الى اقدارهم ......بعد غياب عشرة أعوام عادوا للإسكندرية ليبرهنوا بدمائهم التى اختلطت بدماء اخوانهم وأصدقاء الطفولة أنهم مازالوا ابناء وطن واحد مهما اختلفت الأسماء واختلفت العقيدة .
منذ الواحدة صباحاً وحتى الرابعة ورجال الامن والفرق الطبية يتعاملون مع الموقف بحذر وما هى الا لحظات أخرى حتى بدأ رجال البحث الجنائى إلتقاط الإدلة ..علهم يستطيعون الوصول لهوية الشبان الثلاثة الذين ترجلوا من سيارتان "جولف وسكودا "وتركتاهما بجانب الكنيسة لينفجرا بعد الثانية عشرة والثلث صباحاً ..محدثين تلك الفوضى والهلع والرعب المصاحب لزلزلة لحظية ومؤقتة لطبيعة العلاقات بين مسلمى ومسيحى المكان . الأشهر و الأكثر رمزية بمصر لتلك الوحدة الوطنية المستهدفة حاليا ...!


تحول الشارع الذى يربط منطقة الكورنيش على البحر والمناطق الداخلية بالمدينة إلى ما يشبه إستوديو مفتوح منذالحادث وحتى الآن ..حتى أصبح المكان يشبه مدينة الانتاج الإعلامى .
حظى هذا الشارع مؤخرا بأحداثه باهمية دولية وعالمية أيضاً ..بدى ذلك من توافد الإعلاميين من شتى القنوات الفضائية العربية وغيرها كطاقم وكالة أنباء اليابان.. والتى أكد معظمها أن الإهتمام العالمى بوضع مصر امر طبيعى إلا أن هذا الحدث فرض نفسه وزاد من تلك الأهمية ...مجموعة التحليلات والتساؤلات التى تناولها الجميع حول مرتكبى تلك الفعلة النكراء والتى ربطها الأغلبية بالتهديدات التى أطلقها تنظيم القاعدة منذ ما يقرب من الثلاثة أشهر .
لم يستطع العقل الذى تعلق كثيرا بهؤلاء الفتية الصمود امام هول الحدث ومأساوية المشهد الشارع الذى بات شاهدا على الوحدة والتماسك رفضت ارضه وأبت ان تتشرب دماؤهم التى امتزجت ببراءتهم وأشلائهم المتلاحمة دون غربة.. الا على الجسد الواحد .
من يعلم جيدا تركيبة المجتمع السكندرى ويدرك تماما اختلاف تيمة البشر فيه عن اى مكان آخر بمصر يعلم كيف ان هذا الحدث مدبر بشكل متقن واختيار المكان لتنفيذ هذا المخطط الإرهابى لم يكن اختيار وليد الصدفة وانما مقصود تماماً على الرغم من تكرار مشهد تجاور الكنائس والمساجد فى اغلب محافظات مصر الا انه بالاسكندرية الواقع مختلف..


العلاقة بين مسلمى ومسيحى المكان تختلف عن اى علاقة اخرى بين مسلم ومسيحى فى شتا أنحاء مصر ,الاسكندرية مدينة بوليتان احتضنت كل الأجناس والديانات وهضمتها جيدا ً,لذا تجد مسلموا ومسيحيو المدينة نسيجاً واحداً يصعب التفريق بين احد افراده
وخير شاهد على ذلك هو ما حدث سريعا بعد استيعاب الصدمة والخروج من هول المفاجأة حيث لم يتأزم الوضع أكثر بنزاعات طائفية او حرب اهلية مصغرة كما كانت تلك الايادى الخفية تتمنى وتتربص بالنتائج ,بل ذادت الأزمة من الترابط الواضح فى تماهى وانسجام تام بين شتى أطراف المجتمع وخرج الجميع منها يدا واحدة ..باحثين عن المتربص بهم وبأمنهم .

                                           نشر بجريدة القاهرة بتاريخ 18 يناير 2011

حياة المصريين فى العصر القبطى


الأميرة نفين عباس حلمى
تواكب فعاليات مكتبة الإسكندرية بشكل يومي اهتمات وتوجهات الثقافة العربية والعالمية عبر أحداث ثقافية تقام بشكل منتظم بين مختلف قاعات المكتبة حيث ينظم مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية بالتنسيق مع جمعية الآثار القبطية والمجلس الأعلى للآثار، المؤتمر الدولي الأول للدراسات القبطية، تحت عنوان: "الحياة في مصر خلال العصر القبطي... المدن والقرى، رجال القانون والدين، الأساقفة "، في الفترة من 28 حتى 30 سبتمبر 2010 بمكتبة الإسكندرية.
ويناقش المؤتمر عدة محاور، هي: تاريخ وآثار مصر البيزنطية، وتاريخ وآثار مصر القبطية، وفنون قبطية صغرى، ولغة قبطية - عمارة قبطية، وترميم (أخشاب ومعادن ونسيج وخلافه)، وأيقونات وجداريات قبطية، وتنمية المواقع السياحية، وبيئة وهندسة وعمارة، ودراسة مقارنة بين العصرين القبطي والفرعوني كما ينظم مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للبيئة 2010 بالإسكندرية، وستقام الاحتفالية يوم الاثنين الموافق 14 يونيو، تحت رعاية وزارة الدولة لشئون البيئة، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم،من 9صباحًا إلى 6مساءً بساحة المكتبة.
وتدور جميع فعاليات الاحتفالية من أنشطة وبرامج في إطار موضوع الأمم المتحدة لهذا العام وهو التنوع الحيوي، فشعار يوم البيئة العالمى لهذا العام 2010 هو "كائنات حية متعددة، ولكن كوكب واحد، ومستقبل واحد" وهو فرصة للتأكيد على أهمية التنوع الحيوي لرفاهية الإنسان ، وأيضا يعكس أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي والتشجيع على مضاعفة الجهود للحد من معدل فقدان التنوع الحيوي.
وأوضحت المهندسة هدى الميقاتي، مديرة مركز القبة السماوية العلمي بالمكتبة، أن احتفالية اليوم العالمي للبيئة 2010 هي عبارة عن مهرجان عام ضخم يهدف إلى جذب انتباه الجمهور إلى أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي في البيئة المصرية. كما يضم عدداً من الأنشطة العملية والفنية المتنوعة، وكل الأنشطة والألعاب مجهزة لتلائم معظم الأعمار والخلفيات الثقافية المختلفة.


وأضافت أن الاحتفالية سوف تلقي الضوء على سلوكياتنا اليومية وكيفية تغييرها لتكون أكثر صداقة للبيئة، حيث يتعرف المشاركون في الاحتفالية على المنزل الموفر للطاقة، والذي سيظل موجودا بساحة المكتبة طوال شهر يونيو. وهو نموذج لمنزل يحقق اكتفاءً ذاتياً من الطاقة عن طريق استخدام أكفأ الوسائل وإنتاج الطاقة من الخلايا الشمسية وطواحين الهواء واندفاع المياه، وهو يتيح الفرصة للجمهور لتجربة الاستخدامات المتعددة لهذه الطاقة خاصة في الأجهزة المنزلية.
                                      مذكرات أميرة
ودشن مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية ، يوم السبت٢٩ مايو الجاري، كتاب جديد بعنوان "مذكرات أميرة مصرية" للأميرة نيفين عباس حليم،حيث يلتقي الجمهور مع مؤلفة الكتاب ويعقب ذلك حفل توقيع.
الكتاب يندرج تحت نوعية كتب السيرة الذاتية، حيث تنتمي الأميرة نيفين عباس حليم للعائلة المالكة المصرية وكان محمد علي باشا هو جدها الأكبر لأبيها. ويقوم الكتاب على يومياتها، بالإضافة إلى يوميات أمها وجدتها؛ حيث يأخذنا في رحلة من حرب عالمية إلى أخرى، ومن مصر إلى أوروبا إلى الولايات المتحدة، ومن علية القوم إلى الطبقات الدنيا.
 يضم الكتاب صورا نادرة للعائلة المالكة وللأمير عباس حليم الذي وصفته ابنته في الكتاب بأنه كان نصيرا للعمال والفلاحين وأنه كان رائدا للحركة العمالية،وأسس أول حزب عمالي مصري، كما كان معارضاً لسياسات الملك، ويضم الكتاب مذكرات ومشاهد لها ولأسرتها في الفترة من ‏1915‏ وحتى‏1961.
يذكر أن الأميرة نيفين عباس حليم من مواليد 30 يونيو 1930 ، وهي الابنة الكبرى للأمير عباس حليم ولها ثلاثة أشقاء، وقد غادرت الأميرة نيفين عباس حليم مصر في عام 1961. وعملت كسكرتيرة إلى أن تقاعد في عام 1994. وهي تعيش الآن بين الإسكندرية ولوزان.
                                صورة نادرة
كما أهدى مكرم سلامه، أشهر جامعي الوثائق والصور النادرة، ذاكرة مصر المعاصرة مجموعة المصور دليكيان كاملة والتي تضم مجموعة صور للحرفيين والبائعين في مدينة الإسكندرية في حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين، كما تضم صور لمساجد الإسكندرية وأشهر معالمها وآثارها وصور نادرة لم يتم نشرها سابقاً.
كما أهدى مكرم سلامه مجموعة صور فوتوغرافية لمدينة القدس تضم 700 صورة في العشرينات والثلاثينيات، وهي أيضاً تعود للمصور دليكيان بالإسكندرية، وهانزل مان مصور الملك فؤاد في العشرينيات، ورياض شحاته المصور الملكي أثناء زيارته للقدس وشرق الأردن، وقام بتصوير الأمير عبد الله ملك الأردن ابن الشريف حسين مع اللورد اللمبي ولورانس العرب وبعض الشخصيات الأخرى.
وتضم تلك المجموعة صور مقابلات واستقبالات وحفلات للورد اللمبي أثناء زيارته لشرق الأردن والقدس، وصور نادرة للمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وكنيسة القيامة وبعض أحياء القدس القديمة وصور لحيفا ويافا.

                                              نشر بجريدة القاهرة بتاريخ 15 يونية 2010

السبت، 1 يناير 2011

نساء جهنم

نساء جهنم

(1)


أخرج من المنزل تسبقنى خطواتي ..يقفز فى جنبى كائن ضعيف هادىء يتدفق نبضا هامسا يحثنى على السرعة فأتخذ القرار بعدم العودة ..يسبقني ظلى الي الاساسنسير....يتعلق بى وتتعلق به روحى ..أخرج كالسهم ..لا اسمع الا صوت انفاسى المضطربة ولا ارى امامى الا البراح وكأنه كائن شيطانى ولد ونمى فى
لحظات ويعاتبنى تأخرت كثيرا...أضحك.. فيضحك متهللا يتأبط ذراعى ونهرول معا..نحو البحر .
ترفض حواسى غموضه الليلى الذى أعشقه ورائحته التى امتنع عن شمها وصوت أمواجه الهادرة وضجيج المارة والمرور وضحكات وهمسات العاشقين .. الى حين ...ترقبا للمجهول المنتظر ..ومع رنين هاتفى وقبل ان افتح الخط ...أدعو رب السماء ان يجيب ..!
أتهلل فرحا وأقفز تتفتح معى زهور روحي ...على كل ما تعشق ويزيد ..فالليلة اول ليلة حرية ...تسريح غير مشروط ..لحسن السير والسلوك ..ألملم الهموم والذكريات وفي الافق تقف صديقتى ..موجتى الثائرة ..تشير لى : تخلصي منها ..فاطيع .
يقف توأمي عند لحظات غضب قديم فأبثه همسا روحيا خالصا .. يثور الكبار ..ويطالبون بدمي ... بسخرية اضحك واتساءل عن أى دم تبحثون ...؟
أصرخ : ان كان الدم ضرورة فلينحر كل منكم عنقه.. ليسيل دمه كما سال دمى .. لعشرة اعوام ويصيرألمه أقرب لالمى ..وكأنى القى اليهم بأحجية ..فغروا أفواههم وتسمرت أعينهم جميعا بالارض .قالوا :أفقدتها الصدمة عقلها وكالعادة لم يلمس أي منهم ما فى قلبى ...تركونى وحيدة على أتراجع وأتهم غيرهم ..


(2)


فى الليل أعاتبني أقترب من روحي ..نكاد نلتئم..أعود بذاكرتى لسنوات..انه اللوم ..أعانقني وأدافع :
- كنت صغيرة
- .......!
تعود الأم بعد عشرين عاما في مشهدها كأنه حدث بالأمس تجلس مع صديقتي تتهامسان يقفز قلبي خوفا ..تحادثها الصديقة عن زميل يلازمها كظلها..يحلمان أن يجمعهما بيت واحد ..تجدها رغبة مشروعة لكنه رفض الأهل ..تتطوع الأم للضغط عليهم ..افاجأ..أتساءل هل نبت لها قلب؟!
أتفاءل ..تبتسم في حنان ..ترتسم سحب زرقاء علي جبينها ..أنام بين يديها وتعانقني لأول مرة بعد الفطام و تبدأ بالأسئلة وطلب التفسير.. ويأتي القرار
يمتد حديثى معى و يرحمني الحلم كعادته معى وعلى ضوء الشمس الذى ملأ غرفتى يسرى فى جسدى الدفء ..أفتح عينى على توأمي يدعوني للاستماع لشىء فأسمع باهتمام ..
وأضحك من أصناف النساء فى جهنم وأساله..الا تعلم ان هناك جهنم على الارض وان بها أصنافا أخرى ..يصمم ان يستضيفنى فى منزله ليومين لعلي أعيد التفكير فى هدوء فأبدل موقفى ..ويحظى هو بدور البطولة.

                                          نشرت بجريدة القاهرة 13 إبريل 2010





د / خالد عزب : ما قدمته مكتبة الإسكندرية للرئيس السادات جزء من وفاء مصر لرجالها العظماء



أعلن الدكتور خالد عزب، مدير إدارة الإعلام والمشرف على مشروع توثيق حياة السادات، أن هذا المشروع الذي يشمل الموقع الإلكتروني والبانوراما والمتحف، يمكن القول بأنه ما جزء من وفاء مصر لرجالها العظام.

مضيفاً أن الموقع الإلكتروني للرئيس السادات يمكن تصفحه من خلال عدد من المداخل الرئيسية؛ هي: الخطب، والصور، والأفلام التسجيلية، والوثائق، والإصدارات الفنية، والأرشيف الصحفي، كما يمكن للزائر، من خلال الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني، الاطلاع على السيرة الذاتية الكاملة للرئيس الراحل.
وأشار الدكتور عزب إلى أن متحف السادات يعد الأول من نوعه عن الرئيس الراحل في مدينة الإسكندرية، وهو يأتي في إطار توثيق المكتبة لتاريخ مصر الحديث والمعاصر؛ حيث تم تخصيص جناح كامل له بجوار القبة السماوية يقع على مساحة 260 متر ا
الجدير بالذكر أن متحف السادات يحتفل بمناسبة مرور عام على إنشاءه وكان الدكتور إسماعيل سراج الدين قد قام بتدشين مشروع توثيق حياة الرئيس الراحل محمد أنور السادات؛ والذي يشمل موقعا إلكترونيا ومتحفا وبانوراما تراثية، برعاية وتوجيهات السيدة سوزان مبارك، رئيس مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، وبدعم ومساندة من السيدة جيهان السادات التي قدمت كافة المقتنيات الخاصة بالرئيس الراحل إلى المكتبة لإعداد متحف وموقع إلكتروني وبانوراما تراثية Culturama توثق لحياته الشخصية والعملية.
وتم تصميم الأرشيف الرقمي للرئيس السادات sadat.bibalex.org بحيث يأخذ الزائر في جولة تاريخية يستطيع من خلالها التعرف على مختلف جوانب حياة الرئيس الراحل، وذلك من خلال آلاف الصور والأفلام التسجيلية والوثائق والخطب التي ألقاها وأهم أقواله المأثورة. بل إن فريق عمل الأرشيف قام أيضًا بتتبع كل ما كتب ونشر عن الرئيس السادات في الصحف وتوثيقه لإتاحته لزائري الأرشيف؛ فالصحافة هي مرآة المجتمع، وبالتالي لا يمكن تجاهلها.
ويحتوى متحف الرئيس السادات بمكتبة الإسكندرية على مجموعة من أندر مقتنياته الشخصية والتي خصّت المكتبة بها السيدة جيهان السادات؛ ومنها: بدلة اغتياله، وجهاز الراديو الخاص به، والأوسمة والنياشين التي حصل عليها، ومكتبه ومكتبته الشخصية، وعدد من اللوحات التي رسمها فنانون له، والبايب الذي اشتهر به خلال فترة حكمه، وغير ذلك الكثير، كما قامت المكتبة أيضا بعمل عرض بانورامي لحياة الرئيس السادات باستخدام "بانوراما التراث" أو Culturama، وهي ابتكار مصري خالص عبارة عن تسع شاشات عملاقة على شكل نصف دائرة بزاوية عرض 180 وبقطر يصل إلى 16 مترًا؛ بما يتيح عرض المحتويات بشكل مرئي تفاعلي لم يكن بالإمكان تصوره من قبل، كما تتميز بسهولة تشكيل شاشة العرض لتأخذ أي شكل (مستقيم – دائري – جزء من دائرة)، بالإضافة إلى التحكم في مجال رؤية العرض في الاتجاهين الأفقي والرأسي ونسبة الطول إلى العرض للصورة البانورامية بحيث تتراوح بين 3:4 و 1:13.


تفاصيل استخدام العرب لسلاح النفط فى حرب أكتوبر وزيارة السادات للقدس ومقابلته مع لوموند
كما أعلن الدكتور خالد عزب مدير الإعلام بمكتبة الإسكندرية والمشرف على مشروع ذاكرة مصر المعاصرة عن ضم مجموعة من الوئائق الهامة الجديدة فى موقع السادات الذى أنشأته المكتبة على شبكة الإنترنت وفى متحف السادات بالمكتبة، وهى من مجموعة الوثائق البريطانية وتحتوى على وثيقتين علي قدر كبير من الأهمية تخصان الرئيس السادات، الأولي ترصد زيارة الرئيس السادات إلي فرنسا في الفترة من 3 إلي 5 أبريل عام 1976، وتغطية للمؤتمر الصحفي المنعقد في 4 أبريل وتحدث عن عدة نقاط أهمها لبنان، والعلاقات مع كل من الاتحاد السوفيتي، وليبيا، والتسوية السياسية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، والأسلحة الفرنسية لمصر، والثانية هي عبارة عن مقابلة للرئيس السادات مع جريدة لوموند الفرنسية في 22 يناير 1975.


بالإضافة إلي مجموعة من الوثائق التي توضح النتائج التي ترتبت علي قيام حرب أكتوبر 1973، فمع حرب عام 1973، استخدام العرب لسلاح النفط في المعركة القائمة مع إسرائيل وحلفائه، وقررت البلدان العربية المنتجة للنفط في 17 أكتوبر في الكويت تخفيض إنتاج النفط وصادراته بنسبة تتراوح بين 10% و25%، وفرض حظر على تصدير النفط العربي إلى الولايات المتحدة لوقوفها إلى جانب إسرائيل. حتى يتحقق الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة وتؤمن الحقوق الوطنية لشعب فلسطين ثم تلاه فرض الدول العربية الحظر النفطي علي هولندا يوم 20 أكتوبر لموقفها العدائي من العرب.


ومع أن هذا الإجراء لم يحقق الهدف الرئيسي الذي أعلنه وزراء النفط في الكويت المتمثل في خفض الإنتاج حتى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، فإنه حقق أهدافا أخرى ذات أهمية كبيرة حيث لفت أنظار العالم إلى القضية العربية، كما أن هذه الإجراءات أفهمت البلدان المستهلكة للنفط أن تتعامل مباشرة مع الدول المنتجة للنفط، كما أدي إلي زيادة أسعار النفط، وازدياد المردود المالي، والضغط على دول أوروبا الغربية واليابان باعتبارها أهم الدول المستهلكة للنفط للضغط على حليفتها الولايات المتحدة لممارسة الضغوط على إسرائيل، وأخيرًا كان لهذا الإجراء مدلول سياسي كبير، إذ يمثل التضامن العربي الكامل. وهنا استطاع العرب آنذاك "إثبات وجودهم" والتأكيد على فعاليتهم الكاملة على الصعيد الدولي، لاسيما بعد تلك الحرب التي أسقطت أسطورة التفوق "الإسرائيلي" وقوة الردع "الإسرائيلي".


وأخيرًا مجموعة ثالثة من الوثائق تخص بتقييم الموقف في منطقة الشرق الأوسط، والبحث عن وسائل التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي. فبعد أن وضعت لحرب أوزارها في 25 ـ 26 أكتوبر قد شغلت الدبلوماسيين بترتيبات وقف إطلاق النار ومن ثم الترتيبات التالية بحثًا عن تسوية للصراع العربي ـ الإسرائيلي. بدءًا من عقد اتفاق النقاط الست في نوفمبر 1973، ثم اتفاقية فض الاشتباك الأولي في يناير 1974، ثم اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا في نوفمبر 1973، وأخيرا اتفاقية فض الاشتباك الثانية في سبتمبر 1975 ثم مبادرة السلام، وزيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977، ثم التوصل إلي إطار كامب ديفيد في سبتمبر 1978، ثم معاهدة السلام في مارس 1979، ثم الانسحاب النهائي في أبريل 1982 .
الجدير بالذكر أن متحف السادات أصبح من المزارات الرئيسية لمعظم الشخصيات الهامة المصرية والدولية التى تأتى لزيارة مكتبة الإسكندرية حيث يحرص الجميع على المكوث فترة طويلة داخل متحف السادات للتأمل فى مقتنياته والاستماع إلى خطبه وصوره النادرة
            
               نشر بجريدة القاهرة بتاريخ 13 يوليو 2010

شارع النبى دانيال مجمع أديان الإسكندرية


مسجد النبى دانيال
فى محاولة للغوص داخل سحر هذه المدينة ورصدا لبعض الأساطير التى تروى بغموض عن واقع نراه جليا رأى العين برغم ارتباطه ببعض الشائعات التى تداولتها الحناجر وأبى العقل الإعتراف بها بلا منطق ....وعند إمعان النظر فى ذلك الواقع نجد أن فكرة مجمع الأديان التى تناولتها بعض وسائل الميديا منذ فترة انما هى واقع فعلى مألوف منذ عقود مضت ,يتجلى ذلك الواقع فى شارع "النبى دانيال " بالإسكندرية .

أطلق عليه المصرييون إسم شارع الوحدة الوطنية ففي أوله "مسجد النبي دانيال" اقدم مسجد في مصر وفي وسطه "الكنيسة المرقسية "اول كنيسة في افريقيا كلها وفي نهايته المعبداليهودى "الياهو حنا بى " اقدم معبد يهودى...
فجمع ذلك الشارع المسلمين والمسيحين واليهود في مكان واحد على مر العصور.
                                                 دانيال
"دانيال "هو نبى من أنبياء بنى إسرائيل كان ممن تم اسرهم ونقلهم من العراق لبيت المقدس وتدميرها فى زمن "نبوخذ نصر"بداية الغزو الفارسى ويشاع أنه النبى الوحيد الذى دفن بعد رسول الله محمد علي الصلاة والسلام ..والسبب فى ذلك أن الفرس كانوا يبقون على جسده ..وبما انه نبى فان جثمانه لم يتحلل ولم تأكله الأرض التى حرمت عليها أجساد الأنبياء.. لذا كانوا يستسقون به بمعنى انه كلما أخرجوا جسده للعراء..تمطر السماء فكانت تلك علامة مقدسة شريفة ..وجاءت هذه القدسية عقب أسره هو ورجاله من قبل الفرس الذين كانوا يستخدمونهم للتسلية ومصارعة الاسود .
وكان الفرس يحفرون حفرة كبيرة ويضعون فيها رجلا ثم يطلقون عليه أسدين أو نمرين جائعين ليأكلانه ..والأمر الذي أصابهم بالدهشة ودفعهم الى تكريم "دانيال"هو أنهم عندما أطلقوا عليه الأسدين لم يتعرضا له بالأذى بل أخذا فى اللعب معه والتمسح به ومع تكرار المحاولة كانت نفس النتيجة فقدسوه وتبركوا به ...وكإعرابٍ عن شكره لله صك خاتما نقش عليه صورة رجلٍ يقف على كتفيه أسدين .
أكتشف جسد النبى "دانيال " فى عهد الخليفة "عمر بن الخطاب " رضى الله عنه وقام بدفن جثمانه الصحابى الجليل " أبى موسى الأشعرى "والذى أمر بفتح عدد كبير من القبور فى أماكن متفرقة ..كنوع من التمويه ثم دفنه فى أحدهم بنفسه ثم أغلقهم جميعا وذلك حتى لا يعلم مكانه الناس فيخرجونه مرة أخرى .
                                               المكان واحد
رواية أخرى تنسب جـامـع النـبى "دانيــال "إلى أحد العارفين بالله وهو الشيخ "محمد دانيال الموصلي " أحد شيوخ "المذهب الشافعي "وكان قد قدم إلى مدينة الإسكندرية قي نهاية القرن الثامن الهجري واتخذ من مدينة الإسكندرية مكانا لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية وظل بالمدينة حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد وأصبح ضريحه مزارا للناس ..
وأطلق قديما علي المسجد جامع "ذي القرنين اي الاسكندر "وقد ذكر ذلك ابن عبد الحكم انه زار الاسكندرية عام‏871‏ م وشاهد هذا الجامع ويذكر ان مسلمي المدينة كانوا يزورونه للتبرك به‏..‏ كما روي أحد اليونانيين من سكان الاسكندرية عام‏1850‏ م وكان يعمل بالقنصلية الروسية أنه تمكن من النزول الي سرادب تحت جامع النبي دانيال وشاهد خلال ذلك ثقب بباب خشبي قفصا من زجاج فيه جثة آدمي موضوعة علي منصة وتحيط برأسه أكوام من الكتب وملفات البردي وتعددت الأراء بالنسبة لوجود مقبرة الاسكندر‏,‏ حيث ذهب البعض إلي انها أسفل جامع دانيال وأختلف البعض الأخر بالنسبة لهذا الرأي‏..‏ كما يؤكد التاريخ انه ليس هناك أي صلة تربط الاسكندر بالنبي دانيال نبى بني اسرائيل الذي عاش فيما بين القرنين السادس والخامس حتي مات في بابل ودفن فيها أي انه عاش ومات قبل انشاء الاسكندرية بما لايقل عن ثلاثمائة سنة‏.‏والجدير بالذكر أن الأبحاث والحفائر التي تمت بهذا الجامع فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين دحضت هذه الأفكار
                                           التخطيط المعماري
على الرغم من أن علي باشا مبارك ذكر فى كتابه الخطط التوفيقية الجديدة أن محمد علي باشا قد قام بتجديد الجامع وتوسيعه سنة 1238 هـ / 1822 م إلا أن الأستاذ حسن عبد الوهاب لا يوافق على هذا الرأي استنادا إلى أن طراز بنائه لا يتفق وطراز الأبنية التي يرجع تاريخها إلى عصر محمد علي باشا ولذا فقد أرجع الأستاذ حسن عبد الوهاب تاريخ بنائه إلى أبنية القرن الثاني عشر الهجري السابع عشر الميلادي ، ويتكون تخطيط الجامع من مساحة مستطيلة يتقدمها صحن مكشوف أو زيادة يوجد بالناحية الشمالية الغربية منها دورة المياه والميضأة ، وللجامع واجهة رئيسية واحدة هي الواجهة الجنوبية الغربية ويقع بها المدخل الرئيسي للجامع حيث يؤدي هذا المدخل إلى بيت الصلاة وينقسم إلى قسمين القسم الأول وهو مصلي للرجال أما القسم الثاني فخصص لصلاة النساء .
يتكون بيت الصلاة أو المصلي إلى مساحة مستطيلة مقسمة إلى ثمانية أروقة من خلال سبعة أعمدة رخامية تحمل عقودا نصف دائرية ويوجد بالناحية الجنوبية الشرقية حنية المحراب ويفتح بالجدار الشمالي الشرقي فتحة باب مستطيلة تؤدي إلى الضريح وهو عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسط أرضيتها فتحة مثمنة يحيط بها حاجز من الخشب الخرط يرتكز على رقبة مثمنة مكونة من ثلاثة صفوف من المقرنصات ويتم الهبوط بعمق حوالي خمسة أمتار إلى الضريح الذي يتكون من مساحة مربعة تقوم على أربعة دعائم متعامدة كان يؤدي الذي بالناحية الجنوبية الغربية إلي سرداب مغلق حاليا ويتوسط أرضية الضريح تركيبتين من الخشب أحدهما تحتوي على قبر الشيخ محمد دانيال الموصلي أو كما هو معتقد النبي دانيال والأخرى تضم قبر يعرف باسم قبر لقمان الحكيم وإن كانت المصادر التاريخية لم تتناول صحة أو خطأ هذه التسمية .
أما المصلي الخاص بالنساء فيقع بالناحية الشمالية الغربية وهو عبارة عن مساحة مستطيلة يوجد بها حاجز من الخشب الخرط لصلاة النساء .
                                                أثر
قررت مديرية الأوقاف بالإسكندرية عام 2007 غلق مسجد النبي دانيال خوفًا علي أرواح المصلين والزائرين للمسجد الذي يقع أسفله ضريح النبي دانيال الشهير ، وذلك بعد أن حدثت تصدعات وشروخ في العقار الملاصق له وتم إخلاء السكان وأصحاب المحال التجارية منه لحين هدمه بعد قرار اللجنة الهندسية التي تم تشكيلها بمعرفة محافظ الإسكندرية لإعداد تقرير بذلك وخوفًا علي حياة المارة التي يكتظ بهم الشارع العامر ليلاً ونهارًا لما له من موقع إستراتيجي في وسط المدينة والذي يصل بين ميدان محطة مصر الشهير، حيث محطة القطار التي يصل إليها الركاب من جميع المحافظات ومنطقة محطة الرمل القديمة التي اشتهرت بها الإسكندرية، حيث المحال التجارية للملابس والمولات والكافتيريات.
ولأن مدينة الإسكندرية تخترق كل العصور القديمة ومنها اليونانية والرومانية والبيزنطية والقبطة والإسلامية، بل اعتبرها الإسكندر الأكبر إحدي أهم المدن التي قام بفتحها وشهدت ميلاد أقدم وأعظم مكتبة عرفها التاريخ، بل ويعتبر مسجد النبي دانيال هو أهم وأقدم المواقع والأماكن السياحية والأثرية في المدينة.
ونظرًا لخطورة ما يحدث بمجمع مسجد النبي دانيال الشهير عقدت جلسة بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية حضرها مسئولون من وزارة الأوقاف وهيئة الآثار ووزارة السياحة وتم تشكيل لجنة لزيارة الموقع علي الطبيعة لتحديد أوجه القصور والإهمال، وأكدت اللجنة أن هذا الأثر الديني لم يسجل كأثر حتي الآن، بالرغم من أنه مسجل مزار سياحي ديني وتم وضعه علي الخريطة السياحية الدينية؛ لأنه يعتبر مرحلة تاريخية للإسكندرية، وأضافت اللجنة أن مسجد النبي دانيال المقصود هو المسجد القديم الخاص بالضريح وما يعلوه قبة الإمام ومدخله عن طريق مدخل المسجد الجديد والحديث الذي تم بناؤه فوقه والذي تقام به الشعائر الدينية والصلوات وهذا الجزء الأثري السياحي مكون من أربعة أركان.وأشار مسئول بالآثار أن مسمي المسجد يوجد حوله اختلافات تاريخية كثيرة، هل هو الرسول النبي دانيال أم شخصية من الشخصيات الموجودة في عصر الإسكندر الأكبر أو إلياهو النبي دانيال؟ وأضاف أن المسجد يعتبر تاريخًا للإسكندرية، حيث إن مستوي الضريح كان منخفضًا أكثر من مستوي مدينة الإسكندرية في عصر محمد علي، ثم أعيد بناء المسجد علي نفس المساحة بعمل الأعمدة من نفس العصر والمحافظة علي هذا الجزء الأثري. وأضاف أنه يوجد بجوار الأضرحة صهريج مياه أثري يمثل العصر البيزنيطي لمدينة الإسكندرية القديمة.
                         
                          نشربجريدة القاهرة بتاريخ 31 أغسطس 2010


بير مسعود وأمنيات قد تتحقق

بير مسعود   وشوش العملة
الاسكندرية نص ادبى عبقرى ,ملهم حالة من التوحد مع الجمال الالهى منذ أنشاها الاسكندر دائما ما تبدو صبية فى حالة فريدة من التغنج والدلال ..شبههاالشاعر الاغريقى"إيرونداس " أنها بيت أفروديت .يجد فيها المرء كل شىء (القوة الثورة الرياضة وسماء نائية وطبيعة جميلة ).

لوحة رائعة شكلتها يد الطبيعة ومنحتها من روحها مزيجا من التحدى والصمودوغريزية البقاء فنستشعر فيها جمال الحياة.
الاسكندرية تلك الساحرة يعشقها كل بطريقته فتتعددالحكايا وتسيل سلسبيلا من مخيلتهم جميعا ....يرددونها فتمتزج بروحها وروحهم وتصير جزءا من تاريخها..وعبقا من عطرها ..إنها الإسكندرية عروس مبهرة دائما ..لها طابع خاص ولأهلها شخصية مميزة ..
تاريخها يتلون ما بين الحقائق ..والأساطير ...والحكايا ...
فى شمال المدينة وعلى شاطئ "سيدى بشر"تشكلت بعض الترسبات الصخرية مكونة داخلها تجويف كالبئر له نفق يمتد من الاسفل الى داخل البحر .....انه بئر الامنيات .."بالإسكندرانى بير مسعود"..
على الشاطئ هناك يدان متعانقان لشاب وفتاة تلتحف احداهما الأخرى , وفى قلبيهماأمنية بالاقتران لباقى العمر ..مشهد درامى يتكرر على الشاطئ باختلاف الأعمار ..ثم تلتقط كل يد قطعة معدنية تقربها فاها..وتبثها سرها وطلبها ...ثم تقذفها فى البئر ..وتمضى يصاحبها الامل فى تحقيق أمنيتها..ببركته


وهذا شاب..تخرج منذ أعوام ومازال بغير عمل ..يوشوش العملة ويلقيها هو الآخر ...وهناك ثالث يراوده حلم السفر والعمل بالخارج يفعل مثلهم ...يورد المنظر على ذهنى مشاهد أخرى تشترك معه فى نفس الطقوس ...ودع العرافة الذى يوشوشه المتمنى ويلقيه ,فتخبره عن المستقبل وما يخبئه القدر وأيضا ..نافورة"فونتانا دى تريفى " بروما نافورة الأمنيات التى تلقى بها هى الأخرى العملات المعدنية التى استمعت للعديد من الأمنيات..وهنا يقفز السؤال ..هل لهذه الخرافة أصل فى أى حضارة قديمة توافدت الى الاسكندرية التى ضم تاريخها العديد من سمات وجنسيات المقيمين فيهاعلى مر العصور ..
تلك المنطقة التى ذاع صيتها شمالا وجنوبا وخاصة بين أهالى الاسكندرية ..لم يستطع أحد تحديد سبب تسميتها بالضبط فالبعض أرجعهالاسم صبى صغير هرب من جحيم زوجة أبيه وفشلت محاولاتهم فى العثور عليه ..حتى وجدوا جثته هناك ..فسمى البئر بإسمه ..والبعض اعترض لانه اسم تاجر مخدرات أرهق السلطات بحثا عنه وفشلت محاولات القبض عليه حتى سقط قتيلا داخل هذا البئر فى أحد المطاردات وتتردد قصة أخرى لرجل صالح كثير التصدق أحبه اهل المنطقة انه الحاج مسعودودفن عندما مات بالقرب من البئر الذى سمى باسمه ...
هل تتحقق فعلا الامنيات التى حوصرت داخل البئر هل يستطيع أحد حصرها أو تصنيفها هيهات ....ولكن .
عند اطلاق النظر بالتحليل حول ارتباط هذه الخرافة بالواقع الذى يعيشه المجتمع وخاصة الشباب اللذين يشكلون الشريحة الأعلى فيه والممارسين لهذه الطقوس بشكل أوسع نصطدم بشئ من الفكر التواكلى الذى يفصح بدوره عن مشكلات عامةيعانى منها الجميع وخاصة مشاكل الشباب من ندرة التعينات الوظيفيةو قلةالمرتبات و فرص العمل الى صعوبة امكانيات الزواج ,مما جعل هناك استصاغة لمثل هذة الخرافات مع الاعتقاد فعلا فى سرها و قدرتها على تحقيق الأحلام
وحتى ان كان ما يبدوا للبعض بأن هذه الصورة تعكس نوعا ما من الجهل وبساطة التفكير ..الا أن البعض يمارسها كنوع من الترفيه وعلى نحو فكاهى وكمحاكاة للسيرة الذاتية فقط للمكان ...و فى حين أن نافورة "فونتانادى تريفى "مكان سياحى ومصدر لمدخولات تقدر بالملايين تذهب جميعها لتمويل الصليب الأحمر الدولى...والذى يساهم فى حل الأزمات الدولية بمعنى انه قد تتحقق امنيات البعض من خلاله ...الا انه عند بير مسعود لا ..تتحقق أمنية جامعى القطع النقدية والهدايا المعدنية انهم المستفيدون من بقاء هذه المظاهر حتى الآن ..
نافورة دى تريفى نافورة الأمنيات بروما

نشر بجريدة القاهرة بتاريخ 25مايو2010