السبت، 1 يناير 2011

بير مسعود وأمنيات قد تتحقق

بير مسعود   وشوش العملة
الاسكندرية نص ادبى عبقرى ,ملهم حالة من التوحد مع الجمال الالهى منذ أنشاها الاسكندر دائما ما تبدو صبية فى حالة فريدة من التغنج والدلال ..شبههاالشاعر الاغريقى"إيرونداس " أنها بيت أفروديت .يجد فيها المرء كل شىء (القوة الثورة الرياضة وسماء نائية وطبيعة جميلة ).

لوحة رائعة شكلتها يد الطبيعة ومنحتها من روحها مزيجا من التحدى والصمودوغريزية البقاء فنستشعر فيها جمال الحياة.
الاسكندرية تلك الساحرة يعشقها كل بطريقته فتتعددالحكايا وتسيل سلسبيلا من مخيلتهم جميعا ....يرددونها فتمتزج بروحها وروحهم وتصير جزءا من تاريخها..وعبقا من عطرها ..إنها الإسكندرية عروس مبهرة دائما ..لها طابع خاص ولأهلها شخصية مميزة ..
تاريخها يتلون ما بين الحقائق ..والأساطير ...والحكايا ...
فى شمال المدينة وعلى شاطئ "سيدى بشر"تشكلت بعض الترسبات الصخرية مكونة داخلها تجويف كالبئر له نفق يمتد من الاسفل الى داخل البحر .....انه بئر الامنيات .."بالإسكندرانى بير مسعود"..
على الشاطئ هناك يدان متعانقان لشاب وفتاة تلتحف احداهما الأخرى , وفى قلبيهماأمنية بالاقتران لباقى العمر ..مشهد درامى يتكرر على الشاطئ باختلاف الأعمار ..ثم تلتقط كل يد قطعة معدنية تقربها فاها..وتبثها سرها وطلبها ...ثم تقذفها فى البئر ..وتمضى يصاحبها الامل فى تحقيق أمنيتها..ببركته


وهذا شاب..تخرج منذ أعوام ومازال بغير عمل ..يوشوش العملة ويلقيها هو الآخر ...وهناك ثالث يراوده حلم السفر والعمل بالخارج يفعل مثلهم ...يورد المنظر على ذهنى مشاهد أخرى تشترك معه فى نفس الطقوس ...ودع العرافة الذى يوشوشه المتمنى ويلقيه ,فتخبره عن المستقبل وما يخبئه القدر وأيضا ..نافورة"فونتانا دى تريفى " بروما نافورة الأمنيات التى تلقى بها هى الأخرى العملات المعدنية التى استمعت للعديد من الأمنيات..وهنا يقفز السؤال ..هل لهذه الخرافة أصل فى أى حضارة قديمة توافدت الى الاسكندرية التى ضم تاريخها العديد من سمات وجنسيات المقيمين فيهاعلى مر العصور ..
تلك المنطقة التى ذاع صيتها شمالا وجنوبا وخاصة بين أهالى الاسكندرية ..لم يستطع أحد تحديد سبب تسميتها بالضبط فالبعض أرجعهالاسم صبى صغير هرب من جحيم زوجة أبيه وفشلت محاولاتهم فى العثور عليه ..حتى وجدوا جثته هناك ..فسمى البئر بإسمه ..والبعض اعترض لانه اسم تاجر مخدرات أرهق السلطات بحثا عنه وفشلت محاولات القبض عليه حتى سقط قتيلا داخل هذا البئر فى أحد المطاردات وتتردد قصة أخرى لرجل صالح كثير التصدق أحبه اهل المنطقة انه الحاج مسعودودفن عندما مات بالقرب من البئر الذى سمى باسمه ...
هل تتحقق فعلا الامنيات التى حوصرت داخل البئر هل يستطيع أحد حصرها أو تصنيفها هيهات ....ولكن .
عند اطلاق النظر بالتحليل حول ارتباط هذه الخرافة بالواقع الذى يعيشه المجتمع وخاصة الشباب اللذين يشكلون الشريحة الأعلى فيه والممارسين لهذه الطقوس بشكل أوسع نصطدم بشئ من الفكر التواكلى الذى يفصح بدوره عن مشكلات عامةيعانى منها الجميع وخاصة مشاكل الشباب من ندرة التعينات الوظيفيةو قلةالمرتبات و فرص العمل الى صعوبة امكانيات الزواج ,مما جعل هناك استصاغة لمثل هذة الخرافات مع الاعتقاد فعلا فى سرها و قدرتها على تحقيق الأحلام
وحتى ان كان ما يبدوا للبعض بأن هذه الصورة تعكس نوعا ما من الجهل وبساطة التفكير ..الا أن البعض يمارسها كنوع من الترفيه وعلى نحو فكاهى وكمحاكاة للسيرة الذاتية فقط للمكان ...و فى حين أن نافورة "فونتانادى تريفى "مكان سياحى ومصدر لمدخولات تقدر بالملايين تذهب جميعها لتمويل الصليب الأحمر الدولى...والذى يساهم فى حل الأزمات الدولية بمعنى انه قد تتحقق امنيات البعض من خلاله ...الا انه عند بير مسعود لا ..تتحقق أمنية جامعى القطع النقدية والهدايا المعدنية انهم المستفيدون من بقاء هذه المظاهر حتى الآن ..
نافورة دى تريفى نافورة الأمنيات بروما

نشر بجريدة القاهرة بتاريخ 25مايو2010



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق