السبت، 1 يناير 2011

شارع النبى دانيال مجمع أديان الإسكندرية


مسجد النبى دانيال
فى محاولة للغوص داخل سحر هذه المدينة ورصدا لبعض الأساطير التى تروى بغموض عن واقع نراه جليا رأى العين برغم ارتباطه ببعض الشائعات التى تداولتها الحناجر وأبى العقل الإعتراف بها بلا منطق ....وعند إمعان النظر فى ذلك الواقع نجد أن فكرة مجمع الأديان التى تناولتها بعض وسائل الميديا منذ فترة انما هى واقع فعلى مألوف منذ عقود مضت ,يتجلى ذلك الواقع فى شارع "النبى دانيال " بالإسكندرية .

أطلق عليه المصرييون إسم شارع الوحدة الوطنية ففي أوله "مسجد النبي دانيال" اقدم مسجد في مصر وفي وسطه "الكنيسة المرقسية "اول كنيسة في افريقيا كلها وفي نهايته المعبداليهودى "الياهو حنا بى " اقدم معبد يهودى...
فجمع ذلك الشارع المسلمين والمسيحين واليهود في مكان واحد على مر العصور.
                                                 دانيال
"دانيال "هو نبى من أنبياء بنى إسرائيل كان ممن تم اسرهم ونقلهم من العراق لبيت المقدس وتدميرها فى زمن "نبوخذ نصر"بداية الغزو الفارسى ويشاع أنه النبى الوحيد الذى دفن بعد رسول الله محمد علي الصلاة والسلام ..والسبب فى ذلك أن الفرس كانوا يبقون على جسده ..وبما انه نبى فان جثمانه لم يتحلل ولم تأكله الأرض التى حرمت عليها أجساد الأنبياء.. لذا كانوا يستسقون به بمعنى انه كلما أخرجوا جسده للعراء..تمطر السماء فكانت تلك علامة مقدسة شريفة ..وجاءت هذه القدسية عقب أسره هو ورجاله من قبل الفرس الذين كانوا يستخدمونهم للتسلية ومصارعة الاسود .
وكان الفرس يحفرون حفرة كبيرة ويضعون فيها رجلا ثم يطلقون عليه أسدين أو نمرين جائعين ليأكلانه ..والأمر الذي أصابهم بالدهشة ودفعهم الى تكريم "دانيال"هو أنهم عندما أطلقوا عليه الأسدين لم يتعرضا له بالأذى بل أخذا فى اللعب معه والتمسح به ومع تكرار المحاولة كانت نفس النتيجة فقدسوه وتبركوا به ...وكإعرابٍ عن شكره لله صك خاتما نقش عليه صورة رجلٍ يقف على كتفيه أسدين .
أكتشف جسد النبى "دانيال " فى عهد الخليفة "عمر بن الخطاب " رضى الله عنه وقام بدفن جثمانه الصحابى الجليل " أبى موسى الأشعرى "والذى أمر بفتح عدد كبير من القبور فى أماكن متفرقة ..كنوع من التمويه ثم دفنه فى أحدهم بنفسه ثم أغلقهم جميعا وذلك حتى لا يعلم مكانه الناس فيخرجونه مرة أخرى .
                                               المكان واحد
رواية أخرى تنسب جـامـع النـبى "دانيــال "إلى أحد العارفين بالله وهو الشيخ "محمد دانيال الموصلي " أحد شيوخ "المذهب الشافعي "وكان قد قدم إلى مدينة الإسكندرية قي نهاية القرن الثامن الهجري واتخذ من مدينة الإسكندرية مكانا لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية وظل بالمدينة حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد وأصبح ضريحه مزارا للناس ..
وأطلق قديما علي المسجد جامع "ذي القرنين اي الاسكندر "وقد ذكر ذلك ابن عبد الحكم انه زار الاسكندرية عام‏871‏ م وشاهد هذا الجامع ويذكر ان مسلمي المدينة كانوا يزورونه للتبرك به‏..‏ كما روي أحد اليونانيين من سكان الاسكندرية عام‏1850‏ م وكان يعمل بالقنصلية الروسية أنه تمكن من النزول الي سرادب تحت جامع النبي دانيال وشاهد خلال ذلك ثقب بباب خشبي قفصا من زجاج فيه جثة آدمي موضوعة علي منصة وتحيط برأسه أكوام من الكتب وملفات البردي وتعددت الأراء بالنسبة لوجود مقبرة الاسكندر‏,‏ حيث ذهب البعض إلي انها أسفل جامع دانيال وأختلف البعض الأخر بالنسبة لهذا الرأي‏..‏ كما يؤكد التاريخ انه ليس هناك أي صلة تربط الاسكندر بالنبي دانيال نبى بني اسرائيل الذي عاش فيما بين القرنين السادس والخامس حتي مات في بابل ودفن فيها أي انه عاش ومات قبل انشاء الاسكندرية بما لايقل عن ثلاثمائة سنة‏.‏والجدير بالذكر أن الأبحاث والحفائر التي تمت بهذا الجامع فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين دحضت هذه الأفكار
                                           التخطيط المعماري
على الرغم من أن علي باشا مبارك ذكر فى كتابه الخطط التوفيقية الجديدة أن محمد علي باشا قد قام بتجديد الجامع وتوسيعه سنة 1238 هـ / 1822 م إلا أن الأستاذ حسن عبد الوهاب لا يوافق على هذا الرأي استنادا إلى أن طراز بنائه لا يتفق وطراز الأبنية التي يرجع تاريخها إلى عصر محمد علي باشا ولذا فقد أرجع الأستاذ حسن عبد الوهاب تاريخ بنائه إلى أبنية القرن الثاني عشر الهجري السابع عشر الميلادي ، ويتكون تخطيط الجامع من مساحة مستطيلة يتقدمها صحن مكشوف أو زيادة يوجد بالناحية الشمالية الغربية منها دورة المياه والميضأة ، وللجامع واجهة رئيسية واحدة هي الواجهة الجنوبية الغربية ويقع بها المدخل الرئيسي للجامع حيث يؤدي هذا المدخل إلى بيت الصلاة وينقسم إلى قسمين القسم الأول وهو مصلي للرجال أما القسم الثاني فخصص لصلاة النساء .
يتكون بيت الصلاة أو المصلي إلى مساحة مستطيلة مقسمة إلى ثمانية أروقة من خلال سبعة أعمدة رخامية تحمل عقودا نصف دائرية ويوجد بالناحية الجنوبية الشرقية حنية المحراب ويفتح بالجدار الشمالي الشرقي فتحة باب مستطيلة تؤدي إلى الضريح وهو عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسط أرضيتها فتحة مثمنة يحيط بها حاجز من الخشب الخرط يرتكز على رقبة مثمنة مكونة من ثلاثة صفوف من المقرنصات ويتم الهبوط بعمق حوالي خمسة أمتار إلى الضريح الذي يتكون من مساحة مربعة تقوم على أربعة دعائم متعامدة كان يؤدي الذي بالناحية الجنوبية الغربية إلي سرداب مغلق حاليا ويتوسط أرضية الضريح تركيبتين من الخشب أحدهما تحتوي على قبر الشيخ محمد دانيال الموصلي أو كما هو معتقد النبي دانيال والأخرى تضم قبر يعرف باسم قبر لقمان الحكيم وإن كانت المصادر التاريخية لم تتناول صحة أو خطأ هذه التسمية .
أما المصلي الخاص بالنساء فيقع بالناحية الشمالية الغربية وهو عبارة عن مساحة مستطيلة يوجد بها حاجز من الخشب الخرط لصلاة النساء .
                                                أثر
قررت مديرية الأوقاف بالإسكندرية عام 2007 غلق مسجد النبي دانيال خوفًا علي أرواح المصلين والزائرين للمسجد الذي يقع أسفله ضريح النبي دانيال الشهير ، وذلك بعد أن حدثت تصدعات وشروخ في العقار الملاصق له وتم إخلاء السكان وأصحاب المحال التجارية منه لحين هدمه بعد قرار اللجنة الهندسية التي تم تشكيلها بمعرفة محافظ الإسكندرية لإعداد تقرير بذلك وخوفًا علي حياة المارة التي يكتظ بهم الشارع العامر ليلاً ونهارًا لما له من موقع إستراتيجي في وسط المدينة والذي يصل بين ميدان محطة مصر الشهير، حيث محطة القطار التي يصل إليها الركاب من جميع المحافظات ومنطقة محطة الرمل القديمة التي اشتهرت بها الإسكندرية، حيث المحال التجارية للملابس والمولات والكافتيريات.
ولأن مدينة الإسكندرية تخترق كل العصور القديمة ومنها اليونانية والرومانية والبيزنطية والقبطة والإسلامية، بل اعتبرها الإسكندر الأكبر إحدي أهم المدن التي قام بفتحها وشهدت ميلاد أقدم وأعظم مكتبة عرفها التاريخ، بل ويعتبر مسجد النبي دانيال هو أهم وأقدم المواقع والأماكن السياحية والأثرية في المدينة.
ونظرًا لخطورة ما يحدث بمجمع مسجد النبي دانيال الشهير عقدت جلسة بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية حضرها مسئولون من وزارة الأوقاف وهيئة الآثار ووزارة السياحة وتم تشكيل لجنة لزيارة الموقع علي الطبيعة لتحديد أوجه القصور والإهمال، وأكدت اللجنة أن هذا الأثر الديني لم يسجل كأثر حتي الآن، بالرغم من أنه مسجل مزار سياحي ديني وتم وضعه علي الخريطة السياحية الدينية؛ لأنه يعتبر مرحلة تاريخية للإسكندرية، وأضافت اللجنة أن مسجد النبي دانيال المقصود هو المسجد القديم الخاص بالضريح وما يعلوه قبة الإمام ومدخله عن طريق مدخل المسجد الجديد والحديث الذي تم بناؤه فوقه والذي تقام به الشعائر الدينية والصلوات وهذا الجزء الأثري السياحي مكون من أربعة أركان.وأشار مسئول بالآثار أن مسمي المسجد يوجد حوله اختلافات تاريخية كثيرة، هل هو الرسول النبي دانيال أم شخصية من الشخصيات الموجودة في عصر الإسكندر الأكبر أو إلياهو النبي دانيال؟ وأضاف أن المسجد يعتبر تاريخًا للإسكندرية، حيث إن مستوي الضريح كان منخفضًا أكثر من مستوي مدينة الإسكندرية في عصر محمد علي، ثم أعيد بناء المسجد علي نفس المساحة بعمل الأعمدة من نفس العصر والمحافظة علي هذا الجزء الأثري. وأضاف أنه يوجد بجوار الأضرحة صهريج مياه أثري يمثل العصر البيزنيطي لمدينة الإسكندرية القديمة.
                         
                          نشربجريدة القاهرة بتاريخ 31 أغسطس 2010


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق